Tuesday, October 9, 2007

ماذا وراء برنامج الحزب " أجيال أم مدارس فكرية ؟" 1




ء
ء



مسودة برنامج الحزب صورة تعكس واقعا داخليا نريد أن ندرسه



كثر الحديث عن مسودة برنامج حزب الإخوان و هناك من إتفق و هناك من إنتقد - و إن كان المنتقدون أكثر - و لكن كل هذا يعد تحليلا للصورة الخارجية بينما برنامج الحزب يعكس واقعا داخليا تتحكم فيه عدة عوامل تؤثر في شكل القرار المركزي الذي يخرج من الجماعة و هذه العوامل تشكلت من ظروف أخرى لعل اهمها هو الجو السياسي العام الخانق في مصر منذ يوليو 1952


معظم الشرائح التي يكون لها طموح للعمل العام سواء كان إجتماعيا أو سياسيا حين تنظر نظرة سريعة عن مسارات العمل لا تجد امامها إلا أحزاب المعارضة أو الحزب الوطني أو الجمعيات الأهلية أو الإخوان فيختاروا الإخوان لما يتسمون به من تاريخ وطني ورصيد تنظيمي و قدرة على الحركة في ظل الجو العام المغلق مما جعل الإخوان " مجمعا تنظيميا للعديد من الإتجاهات التي قد تكون احيانا غير متقاطعة "


سيكون حديثنا في تحليل ما وراء الحزب عن ثلاثة أمور على مدار ثلاثة مرات متتالية


1- ماذا عن الأجيال داخل الجماعة و هل هي أجيال أم مدارس فكرية ؟؟


2- هل هناك وضوح في الشكل التطبيقي للمرجعية ؟


3- من يأخذ القرار ؟


1- أجيال أم مدارس فكرية ؟؟


كثر الحديث عما يسمى بالجيل الثالث و غيرة و العجيب أن هذا التقسيم للإختلاف الفكري داخل الجماعة على اساس المرحلة العمرية يجعل من الصعب جدا تفسير وجود إخوان في سن الأربعين ويؤيدون ما يطرحه من هم في سن العشرين بل و يصعب أكثر حين تجدا شابا في العشرينيات يتبنى ما يطرحه قيادي في السبعينيات


إن الإخوان تشكلت بداخلهم - نتيجة لعوامل تاريخية و أخرى سياسية - مدارس فكرية بحيث تحتوي كل مدرسة منهم المراحل العمرية المختلفة بل و المستويات التنظيمية المختلفة


قد نتفق أو نختلف حول هذه الفرضية و لكن دعونا نأخذها بشيء من التفصيل



المدرسة الفكرية الأولى ( الجيل المؤسس بعد دخول المعتقلات) - 1


وهذه المدرسة أصحابها كانوا من المؤسسين قبل يوليو 1952 ثم دخلوا في صدام مع النظام في الخمسينيات و الستينيات و تعرضوا لأبشع انواع التنكيل و القهر و الظلم و قدموا من التضحيات ما يفوق تحمل البشر و ما لا ينكره احد و خرجوا مع التعددية المقيدة في السبعينات


هذه المدرسة تشكلت لديها عدة خصال و قناعات لعل أهمها هو أنهم تحول ثباتهم على المبدأ إلى التمسك الشديد بكل موقف حتى قد يصل الأمر إلى التمسك بأمور قد لا تكون " مبدئية " و
و حين رأوا ما تحقق في السبعينات من نجاح بعد محاولات الإستئصال تشكلت لديهم قناعة بإن الطريقة الوحيدة لتحقيق النجاح هي الثبات الشديد على الموقف


و الإشكالية أن هذا الأمر افقدهم المرونة السياسية الكافية للتعامل مع الأمور التطبيقية


فهناك مبدأ و هناك طريقة تطبيق المبدأ


الثبات على المبدأ لا خلاف عليه


و لكن طريقة التطبيق قد نختلف عليها و تحتاج لمرونة عالية - خاصة في الشأن السياسي - لصياغة صورة توافقية ترضي كل الأطراف


الأمر المهم ايضا هو أن بعضهم إشترك في المقاومة المسلحة قبل الثورة فتأثروا بعض الشيء ببعض المفاهيم العسكرية و هنا كانت بداية الخلط في مفهومي " السمع و الطاعة و الثقة


و هذه المدرسة ينتمي إليها أفراد من مراحل عمرية مختلفة ومنهم من هم في العشرينات مثلا

المدرسة الفكرية الثانية ( الإنفتاح السياسي المقيد في السبعينات ) - 2


و هي الفترة التي سعى فيها السادات لإحداث حراك سياسي يسمح له بأن يرسم لنفسه صورة تاريخية مغايرة لما رسمه سلفه عبد الناصر و في نفس الوقت يستطيع من خلال هذا الحراك أن يناور الإتجاهات المختلفة و أن يتحكم في خصومة السياسين بطرق عديدة


و لعل من محسنات القدر أن تتوافق هذه الفترة مع قيادة المبدع الراحل فضيلة الأستاذ عمر التلمساني فتحولت حركة الجماعة إلى الشأن العام مرة أخرى بعد طول غياب و نشأ معها جيلا من الشباب تمرس بل و تدرب جيدا على الخطاب الجماهيري و على الحوار السياسي و أبجدياته مما جعل لديهم قدرة على إيجاد حديث معلن لدى الجماعة يكون " تطبيقيا " و ليس" مبدئيا وفقط " و حققوا نجاحات عالية مستثمرين الظرف السياسي المنفتح نسبيا


المدرسة الفكرية الثالثة ( فترة تنامي الجماعات الإسلامية المسلحة ) ( الخلط في مفهومي السمع و الطاعة و الثقة ) -3


مع نهاية السبعينيات حتى نهاية الثمانينيات تحول الفكر الذي كان ينادي بالتغيير عن طريق القوة المسلحة من مجرد فكر إلى جماعات تنفيذية خاصة في صعيد مصر و إنتمى العديد من الشباب لهذا الفكر و تأثر العديد من شباب الإخوان بما تطرحه هذه الجماعات خاصة شباب الجماعات من الإخوان حيث رأوا في الشكل التنظيمي " و ليس الفكري " لهذه الجماعات شكلا مقبولا للتعامل مع التحديات التي يواجهها شباب الإخوان من ضرب و تمزيق لافتات الإخوان و قمع و غيرة


و للأسف مع منتصف التسعينيات بدأت حملة جديدة ضد الإخوان جعلت شكل النشاط يتحول من العام إلى التربوي


لهذا يمكن القول بوجود عدة عوامل شكلت هذه المدرسة

هذه العوامل هي

أ - التحديات التي واجهها شباب الجامعات خاصة من الإخوان المسلمين في مواجهة العنف الذي تستخدمة الإتجاهات الأخرى من ناحية و أمن الدولة من ناحية أخرى و كل هذا داخل الحرم الجامعي


ب - ظهور الجماعات الإسلامية من نهاية السبعينيات و حتى نهاية الثمانينات مما أدى إلى لبس في المفاهيم بحيث تمت تسمية بعض المفاهيم العسكرية بصيغة " إسلامية " في حين أنها لا تعدوا أن تكون مفاهيم عسكرية قد يؤيدها الإسلام في ظروف معينه و في حالات الكيانات العسكرية وليس الكيانات الدعوية السياسية

ج - المحاكم العسكرية في منتصف التسعينيات و التحول نحو العمل التربوي من أسر و غيرها من الأعمال " البيتية "ء

د - التأثر الشديد لأصحاب هذه المدرسة بالمدرسة الأولى


بناء على هذه العوامل وجد الشباب ضالتهم الفكرية عند المدرسة الفكرية الأولى و تشكلت لديهم عدة مفاهيم و خصائص أهمها

أهم المفاهيم و الخصائص

أ - الخلط في مفهومي السمع و الطاعة و الثقة


فالسمع و الطاعة في التنظيم العسكري تقضي بالتنفيذ الفوري لذا حدث خلط بين ما تنتهجه الجماعات المسلحة بما ينتهجه الإخوان فالإخوان تنظيم دعوي سياسي و ليس عسكري و التنظيم الدعوي و السياسي يوجب النقاش و الأخذ و الرد


أما عن الثقة


فإن الثقة " هي الثقة في المبادئ و التنظيم ولوائحه و القيادة التي تلتزم بهذه اللوائح وهذه المبادئ"ء


و يرى البعض أن الخلط الذي حدث هو في التعاطي الحذر مع القيادة و تقليص مفهوم الثقة في الثقة في القيادة بما يسبب أحيانا الحرج الشديد في مساءلة هذه القيادة و محاسبتها


ب - تغليب العمل التربوي


حيث تم تقليص نشاط الجماعة في احد الفترات - خاصة منتصف التسعينيات - في النشاط التربوي و " الغلو " في التقييمات التربوية حتى اصبحت " عائقا " أمام الحركة الفردية لفترة فأصبحنا نرى احدهم - مثلا - يمنع طالب من دخول الإنتخابات في الجامعة أو الحديث في المدرج أو الترشح في النقابة لإنه " لم يتأكد بعد من حبه للإخوان " أو لإنه " يخشى عليه من الرياء وحب الزعامة " و غيرها من العوائق التربوية " غير المقننة


و يرى البعض أن الحل لهذه الإشكالية هو


أن يلتزم الجميع ببنود تربوية واضحة موحدة يمكن قياسها و ألا يترك الأمر للتقديرات الشخصية
و يمكن القول إن هذا الأمر تحسن نسبيا لكن يبقى إلتزام بهذه الأمور


و لكن هذه المدرسة " تغالي " في وضع ضوابط تربوية " تقديرية " و ليست لائحية


ج - ليس لهم وجود إعلامي واضح


نظرا لقناعاتهم و نظرا للظرف التاريخي الذي حال دون ذلك في نهاية الثمانينيات و التسعينيات فإن هذه المدرسة وجودها الإعلامي ضعيف


د - تراهم في مستوى القيادة الوسيطة


اصحاب هذه المدرسة الأن في مستوى القيادة الوسيطة في الجماعة " في مجالس الشعب و المناطق و غيرها " وهذه الخصيصة هامة جدا لإنها تفسر الكثيير من الأمور التنظيمية


ه - أعاقوا الحركة في 2004


هذه المدرسة لم تتجاوب مع ما ارادته قيادة الجماعة مع الحراك الذي حدث في 2004 و لو نتذكر سويا سنرى كيف أن رأس الجماعة تعاطى بسرعة مع الإنفتاح النسبي الذي حدث عام 2004 خاصة مع مبادرة الإصلاح في حين أن " جسد الجماعة " و الذي يقودة القيادة الوسيطة المتمثلة في هذه المجموعة " لم يتحرك في حينها " بل تحركت كفاية و تحرك غيرها و بعدها بشهور بدأ تحرك جسد الجماعة بعد أن كان منفصلا عن الجماعة


المدرسة الفكرية الرابعة ( ثورة المعلومات " فضائيات و نت و موبايل " + ظهور منظمات حقوق الإنسان ) - 4


و هذه المدرسة تشكلت مع ثورة المعلومات حيث اصبح الحصول على البيانات و تحليلها أسهل من الماضي مما اتاح لها الفرصة للتحليل وقراءة الواقع و مخاطبة الأخر و أهم ما حدث كان ما يلي

عوامل تشكل هذه المدرسة

أ - سهولة الحصول على المعلومات و تحليلها


ب - التواصل بسهولة مع الأخرين سواء من داخل الجماعة أو من الإتجاهات الأخرى


- الثراء الفكري في المنتديات و المؤتمرات المختلفة مع التحركات العالية لمنظمات حقوق الإنسان و الجمعيات الأهليةخاصة بعد قانون 1999 و قانون 2004


ج - الحراك الذي حدث عام 2004 و حتى نهاية 2006


د - التململ و الضيق من القيادة الوسيطة ( المدرسة الثالثة ) حيث هي القيادة المباشرة للأفراد في الشعب و المناطق و هي التي قاومت العمل العام لفترة
ه- التأثر الواضح بالمدرسة الثانية مع الإختلاف في أن هذه المدرسة براجماتية إلى درجة كبيرة و لا تتحرج في حركتها من ا لإعتبارات تنظيمية فهم ليسوا قيادات


كانت هذه أهم العوامل التي شكلت المدرسة الفكرية الرابعة

و يوجه البعض عدة إنتقادات لهذه المدرسة أهمها

أ- البراجماتية و تغليب لغة المصلحة في المعاملات التفصيلية لهم

ب - الميل نحو الفكر الليبرالي و التأثر به

ج - غير محددين في أهدافهم فلم تتبلور لديهم فكرة سياسية واضحة بل مجرد أفكار جزئية تكون على شكل مطالب لتغيير بعض أجزاء الطرح السياسي للجماعة

د - ضعف الإهتمام بالجانب التعبدي


و الأن الا نتفق سويا على أن كلمة " أجيال " ليست دقيقة لوصف التيارات الداخلية للإخوان ؟
ء
ء
ء
ء

و ماذا عن دور اللائحة الداخلية ؟

ء

ء

هناك مستوى قيادي قاعدي وهوالشعب و المناطق و المكاتب الإدارية للمحافظات و مستوى مركزي وهو مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد وغيرها
اللائحة الداخلية للإخوان هي من أفضل اللوائح في القوى التنظيمية المصرية سواء كانت أحزاب أو منظمات مجتمع مدني و ذلك من حيث لائحة الجزاءات أو من حيث الإجراءات الضامنة لنزاهة وشفافية عملية التداول الإداري عن طريق الإنتخابات من القاعدة في الشعب والمناطق وحتى المكاتب الإدارية و التي تتم بقاعدة أغلبية الأصوات و بمستويات إدارية منتخبة و لقد كان هذا الأمر واضحا داخل الجماعة في الفترة الأخيرة ولولا الضغط الأمني لتمت الإنتخابات على قمة الهرم القيادي

غير أن
المدارس الفكرية لها تأثير كبير في شكل المجالس المنتخبة فغالبا ما نرى أن المدرسة الثالثة مثلا تمثل معظم المجالس الإدارية للشعب و المناطق و هذا يرجع لإنها ظلت لمدة تقارب العشر سنوات هي التي تدير قاعدة الجماعة و حين تمت الإنتخبات وجدت القاعدة أن افراد هذه المدرسة هم الموجودون فقط فتم إنتخابهم لإنهم لم يروا غيرهم
هذا بالإضافة
إلى أن معظم من تم توثيقهم في الجماعة في اخر عشر سنوات كان عن طريق رجال هذه المدرسة فكانوا يشبهونهم في طريقة التفكير إلى حد بعيد

و نلخص المعوقات التي واجهت التغيير اللائحي عن طريق الإنتخابات فيما يلي

1- أن المدرسة الثالثة ظلت تمثل معظم عناصر القيادة الوسيطة بالشعب و المناطق لمدة تجاوزت العشر سنوات من منتصف التسعينات و حتى 2005 حيث حال الضغط الأمني دون إجراء إنتخابات داخلية في هذه الفترة

2- أن معظم من تم توثيقهم في هذه الفترة كانوا من مؤيدي هذه المدرسة

3- النقطة الأولى و الثانية تفسر إنتخاب المنتمين لهذه المدرسة مرة أخرى في الإنتخابات الداخلية

4- الضغط الأمني الشديد حال دون عمل إنتخابات مركزية

غير أن هناك تغيير كبيير ممكن أن يحدث في القيادة الوسيطة مع إنتخابات التجديد في الشعب و المناطق خاصة حيث أن اللائحة قد نصت على أن كل من تحمل مسئولية قبل الإنتخابات تحسب له كفترة واحدة لذا لا يتم إنتخابه لنفس المسئولية التي كان على رأسها إلا لمرة واحدة

المهم


يبقى سؤالان


الأول


ما هو تأثير هذه المدارس على برنامج الحزب و غيره من القرارات المركزية ؟؟


أظن السؤال يجيب على نفسه


فلنا ان نتخيل الجماعة التي تمثل " بيتا كبيرا " للعديد من الأفكار التي لم تجد تنيظما يحتويها في المجتمع


و في نفس الوقت يحتوي على مدارس فكرية مختلفة تشكلت لعوامل تاريخية و سياسية


كل هذا يؤدي إلى


1- شد وجذب بين هذه الإتجاهات ليكون البرنامج متبنيا لوجهة نظر بعينها


2-محاولات الوصول لبرنامج توافقي يؤدي إلى ظهور مسودة البرنامج بالشكل الذي رأيناه بحيث تجمع العديد من الأفكار غير " المنسجمة " أحيانا


3- محاولة طرف تغييب الأطراف الأخرى في بعض مراحل الصياغة

السؤال الثاني هو

هل وجود هذه المدارس و الإتجاهات سلبية أم إيجابية ؟؟ و أيها على صواب ؟؟؟


أظن ان التنوع الفكري هام جدا لأي كيان لكي تخرج الفكرة اكثر توافقا للخارج

-------------------------------------------------------------------

و لكن ................... ماذا سيحدث مع أقرب إنفتاح سياسي حقيقي في مصر ؟


هل تتجه هذه المدارس نحو التوافق اكثر؟؟؟
أم هل تتجه كل مدرسة نحو مسار خاص بها بعيدا عن المدارس الأخرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ء